الجمعة، 18 أبريل 2014

كامل الجادرجي يحاور الوصي عبد الاله عن المهام الوطنية الملحة



تحدث كامل الجادرجي خلال مقابلة له مع الوصي على العرش عبد الاله في 1942/11/2 م، عن الكثير من المهمات الوطنية التي تستوجب حلولاً جذرية، كي تستقيم الامور ولاتدخل البلاد مرة ثانية في دوامة الانقلابات العسكرية. واستدرك ليقول : ان الاضطرابات لاتكون مقتصرة على الجيش بل ستجابهنا مشاكل كثيرة بعد الحرب،

منها مشكلة العشائر ونفوذهم الذي سيتعارض مع نفوذ الحكومة، والمشكلة الطائفية، ومشكلة الكرد، وغيرها من المشاكل، عندما تنسحب القواة البريطانية من العراق. (وما أشبه اليوم بالبارحة) وان الحل الوحيد على ما اعتقد، هو أن يترك للناس مزاولة حقوقهم الدستوري وذلك بافساح المجال لتأليف الاحزاب والجمعيات وغيرها، وان فائدة هذه المنظمات السياسية تكمن في توجيه الرأي العام، بحيث لا يتجزأ الجيش معها على القيام بحركات انقلابية خصوصاً عندما يعلم بأن الرأي العام لا يؤيذه.
ولكن بشرط ان لاتكون هذه الاحزاب قائمة على اساس شخصي ولاتستهدف المصلحة العامة،فالسياسة والاتجار على حساب المصلحة العامة لا تجتمعان، فالاشتغال بالسياسة يجب ان يكون منزهاًعن الاغراض والمنافع. ( وهذا التشخيص من قبل الچادرچي يعد نوعاً من جلد الذات كونه كان من منتسي حزب الاخاء الوطني بزعامة ياسين الهاشمي). ولقد اكد الجادرجي في المقابلة على ضرورة التخلص من القضية الطائفية والعنصرية في تمشية امور الدولة ولاسيما السياسية منها ذات الصلة بعملية تأليف الوزارات بحيث تأتي عن طريق الحزبية، وعندما ذاك ليس لاحد ان يعترض على عدد الوزراء الذين يأتون من كل طائفة او عنصر فيجوز ان تؤلف حينئذ وزارة معظم اعضائها من الشيعة مثلاً (اذا كانت على اساس الحزبية) وأردف قائلاً: “إننا لم نكن ضد وزارة معينة من الوزارات او ضد اشخاص معينيين من الذين يتناوبون الكراسي، وأنا شخصياً لا افرق بين نوري السعيد وجميل المدفعي وعلى جودت الايوبي مثلاً وغيرهم من الاشخاص الاخرين وانما اعتقادي بأن سياسة الاشخاص يجب ان تترك وتستبدل بسياسة عامة".
وبخصوص امتيازات النفط التي جاء بها قانون رقم (80 ) الشهير حيث تجلى ذلك من خلال موقف الحزب الوطني الديمقراطي ورئيس السياسي المرحوم كامل الجادرجي، الذي كان يؤكد دوماً على ما يلي :
“ ان الهدف العام الذي يجب ان تنشط في اطاره السياسة النفطية هو تكوين هذا القطاع الوطني للنفط واتخاذه قاعدة لتصنيع البلاد لكي يساعد نموه وتطوره على تحقيق الدعوة الى توازن الاقتصاد العراقي وتحريره من مغية الاتكال على عوائد تصدير النفط الخام، ومن مغبة انفراد الشركات المحتكرة بالقيام بذلك ولكي يمكن البلاد من الانطلاق نحو استخلاص حقوقها النفطية ورفع الغبن والاجحاف اللذين يميزان الامتيازات القائمة وبذلك كله يسهم القطاع النفطي الوطني في بناء القاعدة المادية اللازمة للتطور الاقتصادي والاجتماعي والسياسي في البلاد، وان الطريق الصحيح لذلك هو ان تقوم شركة النفط الوطنية مباشرة ( بالموارد التي تستطيع الحكومة ان تمدها بها ) بأستثمار الحقول الثابت فيها النفط والاراضي التي فيها احتمالات جيدة وهي ثروة وطنية عظيمة يجب ان تبقى للدولة وتستثمر من قبلها وحدها. ان خطط تنمية الاقتصاد الوطني وتطويره من عوامل التخلف والتبعية ومن سمات الاستعمار الجديد لايمكن ان تنسجم بتاتاً مع توسيع قطاع النفط الاجنبي او تقوية قبضته، اذ لايمكن ان يفهم الرأي العام ابداً عوامل تراجع القطاع الحكومي العام امام الاستثمارات الاجنبية الاحتكار في موضوع النفط وتسليمها امتيازات ضخمة تضم اغنى المناطق النفطية في حين ان الاوساط النفطية العربية تدرس شعار تأميم النفط.
وبالاجمال، يمكن القول : ان الحزب الوطني الديمقراطي كان يؤكد دائماً على الحفاظ على المكتسبات الوطنية التي حققها القانون رقم ( 80 ) لسنة 1961م الذي انتزع من الشركات الاحتكارية صاحبة الامتيازات (99.5) بالمائة من الاراضي التي كانت تسيطر عليها، ولم يترك لها الا ما مجموعه (1917 ) كيلومتراً مربعاً فقط، التي تتضمن الحقول المنتجة فعلاً، اما الحقول المكتشفة وغير المنتجة التي تقع ضمن رقعة جغرافية تقدر بـ ( 1900 ) كيلو متر مربع فقد انتزاعها القانون المذكور، بحيث اصبحت من اختصاصات شركة النفط الوطنية التي تم تشريع قانونها 1962م. والجدير ذكره، توقيع الزعيم الوطني الفريق الركن عبد الكريم قاسم قانون شركة النفط الوطنية يوم 8/ اشباط /1963 م بأعتبار رئيس وزراء العراقق انئذ بالرغم من حصار قوات الانقلابيين مبنى وزارة الدفاع لغرض اغتيال الثورة (ثورة 14/ تموز / 1958 م) وقائدها. فكان ذلك اخر توقيع لمؤسس الجمهورية العراقية الخالدة ومفجر ثورتها المباركة ثورة الرابع عشر من تموز / 1958م ( هذا ما ادلى به فيما بعد اللواء الركن احمد صالح العبدي رئيس اركان الجيش والحاكم العسكري العام ابان مرحلة الجمهورية الاولى “ 14/ تموز / 1958 - 8 / شباط / 1963 م “ ).


محسن جبار العارضي



ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق